توطئة
شاهدت مؤخرا فيلم عجمي ولي رأي فيه سأكتبه لاحقا، إنه فيلم جدير بالمشاهدة دون شك. كعادتي قمت بالبحث عن بعض الكتابات عن الفيلم في الإنترنت ووجدت بعض المقالات هنا وهناك: أمير العمري كتب عنه بعد مشاهدته في نصف شهر المخرجين في مهرجان كان، علاء حليحل كتب أيضا عن الفيلم (كاشفا نهايته وبعض تفاصيل الحبكة) في مدونته وفي صحيفة الأخبار اللبنانية (مع بعض الفروقات الطفيفة بين المقالين) . كما أحببت ما كتبت الناشطة السياسية والاجتماعية أسماء إغبارية-زحالقة إحدى سكان حي العجمي.
لكنني ورغم مقولات موت المؤلف أردت أن أعرف المزيد عن مخرج ومؤلف الفيلم اسكندر قبطي (بالاشتراك مع يرون شاني) وبحثت عن مقابلات معه بالعربية دون جدوى، لكن شاءت الصدفة أن أعثر على مقابلة قديمة في مدونة باللغة العبرية بعنوان ذبابة على الحائط أجريت مع قبطي عام 2006 قبيل بدء تصوير الفيلم، فقمت بترجمتها إلى العربية لأفيد أشقاءنا في الوطن العربي الواسع. يمكن ملاحظة بعض الاختلافات بين خطة الفيلم وبين النتيجة النهائية في النهاية أصبح العنوان عجمي وليس غصون كما أنه تكون من خمسة فصول وليس سبعة كما كان مخططا.
في ترجمتي تعمدت التزام الترجمة الحَرْفية قدر الإمكان كي أنقل بأمانة قصوى أسلوب اسكندر في التعبير لا مضمون كلامه فحسب. قد تبدو الجمل قصيرة وغير مكتملة أحيانا وذلك لأنها كانت كذلك في النص الأصلي، لم أقم بالتعديل إلا في الحالات التي رأيت فيها ضرورة لفهم المعنى وقمت عندها بوضع ما أضفته بين قوسين مثلثين <>. كما أنني قمت بتعديل بعض الأخطاء التي وردت في أسماء الأعلام العربية لأنه من الواضح ان الخطأ من الكاتب وليس من اسكندر نفسه مثل تعديل بقعا إلى باقة أو ربيع أبو حاري إلى ربيع بخاري. في بعض الأحيان قمت بتجاهل بعض قواعد النحو والصرف فالنسبة إلى يافا اصبحت يافاوي وليس يافيّ وأضفت ال التعريف على أسماء العلم مثل التخنيون.
تنويه: حقوق النشر للنص الأصلي بالعبرية تعود إلى غيورا أوريان صاحب مدونة ذبابة على الحائط وقد نشر بتاريخ 25 آب أغسطس 2006. أنشر الترجمة العربية تحت بند الاستخدام العادل فهو نص عليه حقوق ملكية فكرية. شخصيا أتنازل عن حقوقي بالترجمة العربية لكن هنالك حقوق لمؤلف النص العبري مما اقتضي التنويه.
مع المخرج السينمائي اليافاوي اسكندر قبطي عن تهويد يافا.
"لا يستطيع أيّ منّا أن ينفي أي شيء، لأننا لا نستطيع أن نضع أنفسنا مكان الآخرين. وهو الأمر المفروض <أن نفعله> قبل أن نحكم، نعمم على، وننفي شرعية شعب بأكمله"، يطرح اسكندر قبطي منطلقه في فهمه لعالمه. إن كل وقت وطاقة المخرج اليافاوي قبطي (30) منصبّة في الفيلم الذي ألفه وينوي إخراجه وتصويره مع شريكه يرون شاني: "غصون". تصوير الفيلم سيبدأ في الشتاء القادم والهدف هي توزيعه للعرض عام 2008. "مع كتابة السيناريو والتحضيرات استغرق عمل الفيلم ما بين خمس إلى سبع سنوات، وهذه هي المدة الاعتيادية في أيامنا. خاصة عند انعدام المال لأي أمر في البلاد"، يشرح قبطي، الذي يرفض كشف محتوى الفيلم، عدا أن في السيناريو سبع قصص، تحدث في <حي> العجمي بيافا، تتاقطع في نقاط معينة وذات نهاية مشتركة. بعد أن نتماهى مع البطل الماثل أمامنا، سيهمله المخرجان لصالح شخصية أخرى لدرجة أن المشاهدين لن يعرفوا الأخيار من الأشرار وسيفهمون أن الواقع هو قضية وجهة نظر ليس إلا" يشرح قبطي، الذي يزعم أنه بعكس السائد، ليس الحديث عن قصة أخرى عن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني أو عن الفلسطينيين في الضفة <الغربية> النائية. "لدينا هنا قصة عن يافا، الموجودة ببعد بصقة عن تل أبيب ومع ذلك هي عالم لا يعرفه أحد رغم قربه الشديد. القصة عن هويات مختلفة عند العرب ووجهات نظر متباينة عن الحياة في يافا".
يافاتي
في يافا الآن نهضة تطويرية لم نرها من قبل. أحد جوانبها كشف موردها السياحي، <الذي> هو ماضيها. ماضي <يافا> بالنسبة لوزارة السياحة يعود إلى المشاهد الرومانسية القديمة لمدينة ساحلية عتيقة، منها خرج بحسب التوراة النبي يونان في رحلته إلى مدينة نينوى. التصور السياحي يربط حاضر مدينة تل أبيب وربما مستقبلها أيضا مع ماضيها اليهودي القديم، خالقًا مدينة يهودية بعمر ألفي عام. بينما الماضي <بالنسبة> لقبطي أقرب زمنيًا، أقل رومانسيةً مما تعرضه وزارة السياحة بل إنه <ماض> ترغب بكبته وبحجبه <عن الأنظار>. ولد قبطي في حي العجمي في يافا. والده نجار فنان يقطن في يافا منذ أجيال. والدته، التي تشغل المنصب الرفيع مديرة المدرسة الديموقراطية في المدينة، جاءت من عائلة يافاوية انتقلت إلى حيفا وتقطن اليوم في الرملة. درس اسكندر في صباه في المدرسة الفرنسية في يافا، "مدرسة مجنونة، بدأنا 120 تلميذا في الصف الأول وتخرجت منه في صف <مكون> من ثلاثة تلاميذ". تعلم لمدة قصيرة <موضوع> الهندسة الميكانيكية في التخنيون بحيفا، ترك <التعليم> وانتهى به الأمر إلى <دراسة> السينما.
ما هي يافا بنظرك؟
إنها البيت، التاريخ. الانتماء لأمر لم يبق منه الكثير لكننا رغم ذلك بقينا. <إنها> الحنين إلى أمر لا أعرفه، إلى التاريخ الذي قرأته أو <إلى> قصص جدتي التي قصّتها عليّ وأحن إليها رغم أنني لم أخبرها <بنفسي>. إنني لا أعيد تلك <الأمور> في فيلمي، بل أحضر الواقع كما هو الآن وهو <واقع> فاتن ومدهش. يافا هي مكان يصعب فهمه، مكان معقّد، أنا نفسي لا أقوى على فهم كل هذا الاختلاف و<كل هذا> الاغتراب بين الناس، رغم أنهم ينتمون إلى نفس الشيء في ظاهر الأمر. ألا يسمونها "يافا أم الغريب". والناس حقا غرباء فيما بينهم. يكاد لا يوحدّهم شيء. هنالك محاولات عديدة للتوحيد، لكن هذا إطفاء حرائق <ليس إلا>. المشاكل عديدة لدرجة أنك لا تعلم لأي حريق تركض بدلوك لتضيع المياه القليلة <التي بحوزتك>. رغم أنه في السنوات الأخيرة تلاحظ نية حسنة، لا زال الشعور أن الجميع ضدنا. إن زرع عشب في حي ما، يخلق لدينا الخوف، إنك لا تستمتع به بل تتساءل لِمَ يزرعون عشبا، أسيجلبون سكانا أغنياء من شمال <تل أبيب> ليسكنوهم هنا؟ بدأوا بتوزيع مخالفات على السيارات التي تُوقَف في نفس المكان منذ ثلاثين عاما. أنت غريب في بيتك. حين كنت صبيا رأيت شخصا يكسر محطة الباص دون سبب في الليل، سألته لماذا، أجابني أنه "يكسر <محطتهم>". هنالك شعور أن كل هذا ليس لنا. نحن هنا لكنهم يتمنون التخلص منا. لا ينبع الشعور من فراغ، إذ إنك تستيقظ صباحا وترى أن كل الطرق المؤدية إلى "مركز بيرس للسلام" مرمّمة ونصف متر منها كل شيء خرب، لا أرصفة ولا أحد يهتم بك. لم يعد ذلك <مجرد> شعور بل حقائق. في العشرين عاما الأخيرة أغلب السكان العرب بُعثِروا من حي عجمي إلى جادّة أورشليم. رغم وجود نقص صارخ في الشقق <المخصصة> للأزواج الشابة، قامت البلدية ببناء الشقق شرقي يافا حيث الأراضي أرخص. كل خط الساحل في العجمي مليء بأغنياء جاؤوا من هنا وهناك. السكان المحليون يشعرون بأنهم غير مرغوب فيهم مما يؤدي إلى الكثير من الغضب واللامبالاة، <وإلى> الاكتفاء بالبقاء. في الثمانينات، لأن البلدية لم تكن تقوم بتنظيف يافا، قمنا بتنظيم مخيم عمل <تطوعي> للتنظيف وكل يافا اشتركت فيه. <لمدة> أسبوعين كاملين كنت ننظف يافا من كل القمامة. اليوم لن تنجح بالقيام
بمشروع كهذا.
يسيطر على المدينة عمليّا المقاولون. <جغرافيّا> يافا هي درّة، مع بحر ومناظر <جميلة>، مع مساحات تمكن البناء قرب البحر ولذا يبنون هناك - ليس من أجلك ولا أيضا من أجلي، لكن من أجل من يملك القدرة على دفع الثمن.
لكن كل هذا على حساب من لا يقوى على السكن في مكان آخر. العرب لن يستطيعوا السكن في تل أبيب ولا حتى في بات يام. ليس لهم أيضا كنائس ومدارس في تل أبيب. سيضطرون للتكلم بالعبرية مثلما يحدث اليوم. هنالك عشرون ألف عربي يقطنون <مسيرة> دقيقة عن تل أبيب، نصف العرب يعملون في تل أبيب لكنك لا تسمع العربية في تل أبيب لا في المقاهي ولا المطاعم.
يافا هي غيتو يسجنكم؟
ليس بالنسبة لي. أنا مختال بعض الشيء بعروبتي وبفلسطينيتي - كذا أنا، شئتم أم أبيتم وإن أبيتم - <فالخسارة> خسارتكم. لكن من المؤكد أن ذلك يسجن الناس. لا يمكنك أن تكون مجرد سائق شاحنة دون أن تقوم بالخدمة العسكرية. ولم نتكلم عن إيجاد شقة للسكن في تل أبيب. الناس لا يعلمون <اليوم> أن يافا كانت عاصمة فلسطين الثقافية، اليوم هي <مجرد> ضاحية في تل أبيب <تتوجه إليها> لتغميس الحمص. كان هنا كل شيء - عشر صحف يومية، ثماني دور للسينما، مسرح، إذاعة قامت أم كلثوم بتسجيل <أغانيها> فيها. من <أصل> ثمانين ألف نسمة بقي فيها ثلاثة آلاف <نسمة> لا يملكون شيئا، بعدما كانوا سادة أنفسهم. لقد خبروا الصدمة. الشبان أبناء جيلي رفعوا أيديهم <استسلاما> لأجل البقاء، يتزوجون باكرا في جيل العشرين كي لا يتقدموا بحياتهم. هذه <خلاصة> طموح جزء كبير منهم.
أما من أمر يثير أملكم؟
الأشخاص الذين لم يجدوا في الماضي ما يتعلقون به ليتفاخروا بكونهم عرب، يقولون اليوم زيدان عربي. إننا نشجع فرنسا بسبب زيدان. نبحث عن عرب ناجحين نفخر بهم. هنالك اليوم بعض المبادرات لتحسين الوضع في يافا، تفتتح إطارات تربوية، فرق مسرحية لتحسين وضع الشبيبة. تفتتح مدارس، ليست تابعة للكنيسة - في الماضي كان التعليم الديكتاتوري المسيحي في مدارسهم، الذي يعلمك كم الأوروبيون أكثر تنويرا منك ويعلمونك الفرنسية والإنجليزية الاسكتلندية و<كانت> هذه الثقافة التي عليك تقبّلها، لأن ما لديك لا يسوى شيئا، أو مدارس حكومية <عربية> التي في نهاية الأمر حتى البجروت لن تحصّله فيها، أو المدارس اليهودية التي قد تنجح فيها بأمر ما لكنك ستفقد لغتك، هويتك وثقافتك. اليوم افتتحت في يافا المدارس الديموقراطية، الأرثذوكسية والحكومية التي يديرها أشخاص يهمهم أمر يافا ويعيدوننا إلى ثقافتنا وهويتنا. إنها مدارس جيدة تهتم بنجاح تلاميذها وحصولهم على نتائج جيدة، مما يشجعنا ويخلق هوية ويوحدنا من جديد حول هويتنا الفلسطينية. هذا أمر مستحب لأنه يبني من جديد المجتمع الذي تفتت، حينما انعدمت تماما البنية الاجتماعية العربية في البلاد، ولكن <بقيت البنيتين> الحمائلية والعائلية. لاحظت الأمر في الانتخابات المحلية قبل عشرة أعوام. اليوم فإن هذا <الأمر> آخذ في التلاشي، إننا نتوحد من جديد حول هويتنا القومية وهذه خطوة رائعة <عندما> بدأت مع عزمي بشارة <كانت> صعبة المنال، ضحك الأشخاص على أقواله. اليوم نرى دعما من رجال الدين من الجهتين، عطا الله حنا الناطق بلسان الكنيسة الأرثذوكسية والحركة الإسلامية، التي لم تهمل الدين لكن هنالك توجه قومي فيها.
ما أهم مكونات هويتك؟
مثل أي هوية أخرى في العالم، مُحيَت عمدًا، بدأوا يطلقون علينا اسم "عربي-إسرائيلي"، بهدف قطع <علاقتنا> بالبلاد، أنت عربي- لكن إسرائيلي، لأنه إن كنت "عربيًّا-فلسطينيًّا"، فهل <يعني ذلك أنّ> يافا في فلسطين؟ لكن الهوية ليست أمرا يمكن التلاعب به، إنك تولد معها مثل الهوية الجنسية، لا تختارها، <على ما يعني ذلك من> الإيجابيات والسلبيات، لا يمكنك التنكر لها، ولدتَ فلسطينيا وما العمل، ربما يفضل أن تولد سويديا، لكن هذا ما عليك تقبّله ومحاولة تحسين ذاتك والمضي قدما في حياتك في إطار هذه الهوية وألا تهملها. لأن هذا ما حصل بسبب اللامبالاة فتفتت مجتمعنا كليّة من كل النواحي. اليوم يمكن القول المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل، يمكن استخدام هذا المصطلح وهو أمر مشجع.
قوتي وقوة كاميرتي الصغيرة
من أجل العثور على ممثلين لفيلمهم الحالي، أقام قبطي وشاني ورشات تمثيل في يافا لاكتشاف ممثلين ممكنين من سكان يافا. اشترك في الورشات حوالي مائتي شخص ما بين سن الـ13 إلى 35، مقسمين إلى مجموعات من 25 شخصا. الاشتراك مجاني ومن بين هؤلاء سيتم اختيار ممثلي الفيلم. "اخترنا العمل مع أشخاص ليسوا ممثلين <محترفين> ولم يتعلموا التمثيل في حياتهم، لأن السيناريو عن الأمور الحقيقية في يافا ويهمنا الصدق في القصة وفي اللهجة اليافاوية. سيتم التصوير دون أن يعلموا عم <يتحدث> الفيلم وسيتفاجؤون بالقصة المتغيرة باستمرار"، يكشف قبطي أسلوب عمله "لا يعرف كل ممثل إلا ما تعرفه شخصيته وحتى هذا يكتشفه خلال العمل. نقوم بتصوير الفيلم بحسب التسلسل الزمني. لن يعرف ما سيحدث في الأوضاع المختلفة وسيتجاوب مع <الأحداث> كما <لو أنها تحدث> في الحياة الحقيقية، ردود فعل طبيعية".
إن اسكندر متعدد المواهب: <سبق و>كتب، أخرج ومثّل في مسرحية من ممثل واحد <بعنوان> "وأخيرًا" في مهرجان تسبيس. فيلمه القصير"الحقيقة" الذي كتبه وأخرجه لأجل المهرجان الدولي لأفلام الطلبة، عرض في مهرجانات دولية وكان موضوعا لمحاضرات أكاديمية في جامعة تل أبيب، مركز فان لير، جامعة شيكاغو وغيرها. شغل اسكندر مختلف الوظائف في إنتاجات سينمائية وتلفزيونية، مساعد مخرج في "العروس السورية"، "الشاحنة"، "كولولوش". للتلفزيون أخرج وحرّر <فيديو> كليب أغنية المعنية زهافا بن "كل الحدود مفتوحة". إنه مخرج ومحرر مجلة فيديو للشبيبة صورت في يافا، طولكرم، تل أبيب ومونتونا (إيطاليا) بمساعدة مراهقين فلسطينيين وإسرائيليين، وعرضت في سينماتك تل أبيب وستعرض في مهرجان الأفلام أومبرييه في آب/أغسطس 2006. اسكندر عضو في جمعية أيام، الهادفة إلى إقامة حوار علني، متعدد الثقافات وبواسطته كشف، توثيق وطرح أهمية رواية <الشرائح> السكانية المختلفة غير المروية ومختلف مصادر السرد التاريخي. إن المحك الأول لهذه الجمعية هو مدينة يافا.
حين ترك قبطي دراسته في التخنيون، توجهوا إليه من مهرجان الأفلام الدولي للطلبة الأستراليين وعرضوا عليه عمل فيلم عن يافا. "حتئذ درست السينما والتمثيل وقمت بأمور صغيرة فحسب بادرت إليها بنفسي. قمت بعمل فيلم قصير مدته 12 دقيقة بعنوان الحقيقة، مع صديقي الحميم ربيع بخاري، أثار بعض الضجة. صورناه في خمسة مواقع متماهية مع يافا، مثل المنارة، المقبرة الإسلامية، المزبلة، المبنى المهجور في شارع غزة حيث يبنون كلية الآن. اخترعنا قصصا وهمية لا يمكن تصديقها عن مؤامرات. مثلا عن المبنى المهجور في القصة الأولى، يروي ربيع أن اليهود عمليا يبنون هيكلهم فيه، لأنهم قرروا التخلي عن القدس ومنحها للعرب. بينما أقوم بالادعاء، بما أنني مهندس ميكانيكي يفقه بالأمر، أنهم بنوه من المعادن والبراغي وفي <جنح> الليل سوف ينقلونه ويضعونه فوق المسجد الأقصى.
أفلام كهذه تحرض وتثير الشغب، يحرضون مرة أخرى على اليهود <لكونهم> مسممي آبار.
نعم، لكنه مضحك ويأتي نقيضا لأشخاص مثل إيهود يعاري مثلا. أشاهده على التلفزيون ويثار جنوني. إن جمله مثل "الطحينة التي يضعونها على الفلافل" ثم يقصفك باسم عربي بالحاء والعين - يتكلم ترهات لكنه يبنيها <بتسلسل> منطقي. هذا ما قمنا به، مجموعة من الترهات بنينا منها منطقا ما وللشخص الساذج - مثل كل إسرائيلي يجلس أمام التلفزيون لمشاهدة إيهود يعاري - فإن الأمر يبدو منطقيا.
هنالك فرق بين عرض العبثية، مما بيبّن العبثية وبين عرض، مثلا عربا يزيلون حجارة حائط المبكى ليبنوا منها مسجدا. لذلك تأثير قد لا يكون مرغوبا.
نعم، بالطبع. التأثير غير مرغوب به. إنه مضحك لكن التأثير غير مرغوب به. لا يشاهد أي فلسطيني أخبار القنوات الإسرائيلية، لأنها تستفزه وتضايقه. قرأت في هآرتس أن الشرطة قتلت شابا بعمر 24 <عاما> من باقة في بردس حانا. في السنوات الخمس الأخيرة أطلقت الشرطة النار وقتلت خمسا وثلاثون عربيا. قلة من الأشخاص تعرف ذلك. لقد اشتبهوا أن السيارة مسروقة لأنه لم يتوقف <عندما أمروه>، وفي النهاية تبين أن السيارة كانت ملكه. قرأت التعقيبات في <مواقع> الإنترنت ودهشت. غالبية <الناس> تكلمت بحقد وهؤلاء قراء هآرتس. حتى في التعقيبات على الأرصاد الجوية يكتب الناس بحقد بسبب ذكر نابلس والرملة فيها. إنها الأرصاد الجوية ليس إلا، ما بكم؟
على فيلم "جنين، جنين" اعترض حتى اليسار، الذي يحارب إلى جانب العرب على حقوقهم، ضد تشويه الواقع وخلق استفزاز وكراهية.
كل ذلك ينفر الناس. فيلمي أيضا عرض في السينماتك والأشخاص ضحكوا واستمتعوا، حتى نهاية الفيلم حين تنتهي الموسيقى، <وتظهر> شاشة سوداء ونقوم بإهدائه إلى شهداء مجزرة جنين. لم يصفق الناس وقامت الرقابة بحذفه عند عرضه في القناة الثامنة. أهدينا الفيلم إلى عم ربيع شريكي في الفيلم الذي هدم بيته حينها. لست مؤرخا ولم أكن في جنين وقتها. لا أعلم ما حدث هناك. لكن سئمت من ذوي النفوذ الذين يقررون عني وعن الآخرين ما هي الحقيقة وما ليست <الحقيقة>. لقد مُنِحت قوةً، هي العرض في السينماتك والمهرجانات العالمية وقلت <لنفسي> سوف آخذ وجهة النظر هذه وأقوم بما أشاء وأبيّن أن بإمكان أي كان أن يشوه الحقيقة ويقرر ما الحقيقة وما ليس <الحقيقة>. الفيلم يبرز عبثية وجود سردية واحدة صحيحة تنفي كل ما يوازيها أو يقاطعها وتحتكر الإنسانية، العدل والحقيقة. بينت أنني أيضا أستطيع أخذ كاميراتي الصغيرة وعمل ذلك.
أن تقوم غدا صباحا مع نغمة جديدة بقلبك
قبطي شاب وسيم، ثيابه بسيطة على الموضة، شعره مقصوص حتى جذوره وتزين ذقنه لحية صغيرة أنيقة، تمنحه منظر مثقف وبوهيمي أوروبي. إنه شريك رائع للجدال الفلسفي حول كينونة الإنسان، الأخلاق، يحب التساؤل وطرح الأسئلة ويصيغ كلامه بهدوء ووضوح ثاقب.
ما هي "دولة إسرائيل" بالنسبة لشخص يدعي أنه لا يحكم على الآخرين ويجيد تعريف نفسه؟
إنها دولة قامت على خراب الآخر، حتى لو كان لها شرعية للتواجد بحسب رأيي ورأي كل العرب القاطنين ههنا، فإنها تصرفاتها غير منصفة. لدي مشاكل عديدة مع تعريفاتها <لذاتها>، تربيتها، الديموقراطية اليهودية خطرة تذكّر بأمور تاريخية مظلمة وتخيف بالنسبة لما يمكن أن يحدث لي ولأمثالي هنا.
لأي شيء كنت تريد أن تستيقظ في الصباح؟
أن لا يقوم سواق سيارة الأجرة التي تأتي لإقلالي بالقول لي "ألا تكرههم؟ كيف تحيى هنا معهم؟، لأنني أبدو له يهوديا، بل أن يقول لي صباح الخير فحسب. لا يقابلون في <نشرات> الأخبار أعضاء كنيست عربا، هنالك مقاطعة على أعضاء كنيست معينين. أحمد طيبي؟ صحيح أنهم يحبونه لكنه سطحي جدا، يجيد الصياح، التكلم وربح المال من وراء ذلك. إنه لا يبيّن مشاكلنا الحقيقية. متى شاهدت جمال زحالقة في التلفزيون؟ عزمي بشارة بعد محاكمته؟ كي يصل إلى الجمهور العربي فإنه يقوم بمقابلات على الجزيرة. العربي هنا هو من يأكلون لديه الحمص وإن قام بمظاهرة لأنه لا يلائمه قتل 13 مواطنا، يقومون بمقاطعة الحمص <الذي يصنعه>. هوذا الاحتلال. حتى الحمص قاموا باحتلاله. "حمص أحلى" أهو إسرائيلي؟ إن هذا الوعظ مقصود لأنك لا تستطيع أن تقتل العرب إن كنت تحبهم. لذا تقوم بتربية أولادك على أن العرب عدوك. منذ النكبة يتم تنفيذ تطهير إثني متواصل وقانوني. يسمونه "التمييز محدود المدى" ضد التهديد الديموغرافي. لا يعترض عليه أحد حتى في اليسار المتنور. في محكمة العدل العليا أصدروا قرارا ضد فلسطيني مواطن دولة <إسرائيل> أراد لم شمله مع زوجته من الضفة <الغربية> رغن أن ذلك يتناقض وقانون حقوق الإنسان. القاضي كتب فيه من واجبنا القيام بـ"تمييز محدود المدى". أي، من واجبنا تطهير الفلسطينيين من هنا للحفاظ على الديموقراطية اليهودية. لا يسأل أحد عما يحدث مع غير اليهود؟ إنني قلق وخائف على نفسي عائلتي فقط. الناس تتقبلك عندما تكون شبيها بهم. سيتقبلونك العربي عندما يغير اسمه من محمد إلى مومي. يريدونك أن تكون مثلهم عندها سيحبونك. مما يؤدي إلى عملية أسرلة، لا تتكلم العربية كي يقول حارس الديسكوتيك بإدخالك.
هذه الحسناء يافا، التي ينسب أحد معاني اسمها إلى كسيوبيا أم أندروميدا الحسناء الميثولوجية، احتلت مرات عديدة في التاريخ وفتحتها شعوب كثيرة: من المصريين أيام تحتمس الثالث، سبط دان، داود الملك والملك سليمان، الأشوريون، الإمبراطورية الفارسية، قطنها الفلسطيون، الفينيقيون، الروم الذين فقدوها للمسلمين، الذين فقدوها للصليبيين، للإمبراطورية العثمانية، لنابليون، للمصريين وللانتداب البريطاني. في بداية القرن الماضي سيطرت عليها مصر وسكن فيها من أبناء جميع الأديان متعايشين. قبل مائة عام كان تعداد سكانها ضعف تعداد سكان تل أبيب وكانت خالية من اليهود. حسب خطة التقسيم كانت تابعة للدولة اليهودية، لكن بسبب <وجود> السكان العرب أضحت بؤرة عربية في منطقة يهودية. تحولت المدينة إلى ميدان حرب بين اليهود والعرب، لكنها كانت محاطة بمستوطنات يهودية وبعد سقوطها بقي فيها 3،500 نسمة من أصل 55،000 جلّهم من قليلي الدخل.
بدلا من الخاتمة
وجدت بالصدفة هذا الفيديو في يوتيوب وهو على ما يبدو من إنتاج بلدية تل أبيب بمناسبة 100 عام على تأسيسها. الفيديو يتحدث عن تاريخ يافا من وجهة نظر صهيونية تقليدية يبدأ تاريخها برحلة يونان وينتهي بعلاقتها بالمهاجرين اليهود، لا يتم ذكر العرب فيه بتاتا وقد تم طرح هذه المسألة في النص أعلاه قبل 4 أعوام من إنتاج هذا الفيديو، إنه المثال الحي والنقيض ليافا كما تبدو في عجمي إنها يافا الحمص كما يراها اهل تل أبيب. الفيلم بالعبرية ولم أجد منه نسخة مترجمة ، هل من متبرع لترجمته؟
Monday, January 11, 2010
مقابلة قديمة مع مخرج عجمي
Labels:
استخدام عادل,
اسكندر قبطي,
سينما إسرائيلية,
سينما فلسطينية,
عجمي,
مقابلات,
يافا
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment